قمة أفريقيا الجديدة- فرص استثمارية واعدة وشراكات استراتيجية للمستقبل
المؤلف: نجيب يماني11.05.2025

منذ نعومة أظفاري، انبهرت بالقارة الأفريقية وأنا أدرس الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. كنت تواقاً إلى متابعة كل ما يتعلق بالنظم السياسية والحياة في أفريقيا، وأسجل باهتمام بالغ كل تفصيل صغير وكبير عن هذه القارة الفاتنة التي تمثل لغزاً ساحراً يمزج بين الغابات الشاسعة والصحاري المترامية الأطراف. عشقت لونها الدافئ وطيبة أهلها، وتفتح وعيي باكراً عليها، مدركاً أنها قارة زاخرة بالخيرات والثروات الوفيرة، وثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، وأنها، وفقاً للدراسات السوسيولوجية، مهد الحضارة وأصل الوجود البشري.
إن فقرها التنموي وتأخرها عن ركب الحضارة كان نتيجة مباشرة للاستعمار البغيض الذي استغل مواردها البشرية وأراضيها الخصبة وخيراتها الوفيرة وكنوزها الطبيعية الدفينة، حتى بزغت حركات التحرر الوطنية وانتزعت استقلالها بعد نضال مرير.
ترتبط المملكة العربية السعودية بعلاقات تاريخية راسخة مع دول القارة الأفريقية منذ أمد بعيد، وهي تحظى دائماً باهتمام ورعاية قادة المملكة الأجلاء.
لقد أتاحت قمة "أفريقيا الجديدة"، التي انعقدت ضمن فعاليات المؤتمر السنوي الثامن لمبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض، منصة قيمة لصناع القرار وكبار المسؤولين من جميع أنحاء العالم لاستكشاف الفرص الاقتصادية الهائلة الكامنة في القارة السمراء، وتحفيز المستثمرين ورؤوس الأموال على إقامة تحالفات وشراكات متينة تتجاوز الحدود الجغرافية وتدعم النمو الشامل في البلدان الأفريقية، في خطوة جليلة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة بإذن الله.
صرح رئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية بأن أفريقيا تمتلك ثروات طبيعية طائلة تقدر قيمتها بنحو 6.5 تريليون دولار، بالإضافة إلى 65% من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة في العالم، وقوة سكانية شابة وحيوية، مما لا يترك لها أي مبرر للفقر والعوز.
تعتبر أغلب دول القارة الأفريقية موطناً لجزء كبير من الثروات الطبيعية الأثمن في العالم، فهي تزخر بنحو 40% من احتياطي الذهب العالمي، وحوالي 90% من الكروم والبلاتين، وقرابة ثلث الإمدادات العالمية من المعادن الحيوية، مما يجعلها كنزاً استثمارياً لا يقدر بثمن.
ومما لا شك فيه أن قيمة هذه الموارد الطبيعية ستشهد نمواً متزايداً مع تكثيف الجهود الرامية إلى البحث عن مصادر جديدة للطاقة ومكونات أساسية للرقائق الدقيقة الأسرع تطوراً على الإطلاق.
تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الدول الأفريقية يمكن أن تجني حوالي 10% من الإيرادات العالمية التراكمية من النحاس والنيكل والكوبالت والليثيوم، والتي من المتوقع أن تصل قيمتها الإجمالية إلى 16 تريليون دولار على مدى 25 عاماً.
وعلى صعيد مستقبل الموارد البشرية للقارة، تعتبر أفريقيا القارة الأوفر شباباً في العالم، حيث يشكل الأفارقة ما يقرب من نصف سكان العالم في سن العمل، وهو ما يمثل مصدراً هائلاً للأيدي العاملة الجاهزة وكنزاً دفيناً من الأفكار والابتكارات الخلاقة.
أتفق تماماً مع الدكتور أكينوومي أديسينا، رئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية، في تأكيده على أنه لا يوجد أي سبب يبرر فقر أفريقيا، وأنه "إذا تمكنت القارة من إدارة مواردها الطبيعية بحكمة واقتدار، فإن العديد من البلدان الأفريقية ستكون قادرة على تحقيق تقدم مذهل في التنمية خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، وذلك من خلال تبني السياسات الصائبة، وتوجيه الاستثمارات الرشيدة، وتنفيذ مشاريع البنية التحتية المتطورة، والخدمات اللوجستية الفعالة، والتمويل السليم."
ولعل هناك العديد من العقبات الجسام التي تعرقل استثمار هذه الموارد على النحو الأمثل، مثل جشع المؤسسات الرأسمالية وشركاتها المتعددة الجنسيات في استغلال هذه الموارد بطرق ملتوية وخادعة وغير عادلة، بالتعاون مع القوى المحلية الفاسدة التي تربطها بها علاقات وتحالفات مشبوهة وشبكات مصالح ضيقة تكرس الفساد المستشري، وتؤدي في نهاية المطاف إلى إهدار الموارد الطبيعية الخام، وتكبيل هذه الدول بقروض مجحفة وشروط قاسية، تفقدها حرية قراراتها السيادية الاقتصادية والسياسية.
ومما يزيد الطين بلة أن هذه الدول، في ظل العولمة المتوحشة، تقوم بسرقة أدمغة وعقول هذه الدول وتفريغها من القوى المبدعة والكفاءات العلمية المؤهلة في مختلف المجالات، ليسهل عليها بعد ذلك نهب ثرواتها وخيراتها.
وفقاً لتقديرات مؤسسة بناء القدرات الأفريقية ومنظمة التنمية الاقتصادية لأفريقيا، تفقد أفريقيا سنوياً ما يقرب من 20 ألفاً من خريجي الجامعات والمعاهد العليا، بل إن عدد المهنيين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة يفوق ما تبقى منهم في القارة السمراء بأكملها.
هذا الوضع المعقد والمتشابك، بتداعياته التاريخية المتوارثة، وتحدياته المستجدة والمتجددة كل يوم، لا يمكن معالجته وتصحيح مساره بما يعود بالنفع على نهضة القارة وشعوبها إلا من خلال إقامة علاقات استثمارية عادلة ومنصفة تفيد جميع الأطراف المتعاقدة، وتسهم في تحقيق الاستقرار والازدهار في النظام العالمي ككل.
ومن هنا تتجلى الأهمية البالغة لقمة أفريقيا الجديدة في الرياض، والتي تهدف إلى إتاحة الفرصة أمام عدد كبير من صناع القرار والوزراء والمسؤولين المشاركين من جميع أنحاء العالم لاستكشاف الفرص الاقتصادية الهائلة الكامنة في القارة الأفريقية، وتشجيع المستثمرين ورؤوس الأموال على إقامة تحالفات وشراكات استراتيجية تتجاوز الحدود وتدعم النمو المستدام في البلدان الأفريقية.
فالمملكة العربية السعودية، وهي تخوض غمار ملحمة إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي في إطار رؤية 2030 الطموحة والشاملة، كانت على وعي كامل بأهمية القارة السمراء، حيث استضافت قمة سعودية - أفريقية تاريخية في نوفمبر 2023، بهدف تأسيس تعاون استراتيجي وثيق بين الجانبين في مختلف المجالات، بما يعزز المصالح المشتركة ويحقق التنمية المستدامة والازدهار والاستقرار للجميع.
ومن خلال مبادراتها السخية - الاستثمارية منها والإعانية - الداعمة لاقتصاديات الدول الأفريقية، استطاعت المملكة أن تقيم جسوراً متينة من الثقة والتعاون، زاد من تقويتها أن المسلمين يشكلون نسبة كبيرة تتجاوز 15% من إجمالي عدد المسلمين في العالم.
كما خصصت المملكة العربية السعودية أكثر من مليار دولار أمريكي لدعم القارة السمراء ضمن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية، فضلاً عن خطة الصندوق السعودي للتنمية لضخ 5 مليارات دولار لتنفيذ مشروعات تنموية حيوية في مختلف البلدان الأفريقية على مدى السنوات العشر المقبلة.
بمثل هذه المبادرات الخلاقة والبناءة، تساهم المملكة العربية السعودية مساهمة فاعلة وملموسة في نهضة القارة الأفريقية وازدهار اقتصادها، الأمر الذي يلقي بظلاله الإيجابية على استقرارها السياسي والاجتماعي والتنموي، ويعزز مكانتها كشريك استراتيجي موثوق به في مسيرة التنمية والتقدم.
إن فقرها التنموي وتأخرها عن ركب الحضارة كان نتيجة مباشرة للاستعمار البغيض الذي استغل مواردها البشرية وأراضيها الخصبة وخيراتها الوفيرة وكنوزها الطبيعية الدفينة، حتى بزغت حركات التحرر الوطنية وانتزعت استقلالها بعد نضال مرير.
ترتبط المملكة العربية السعودية بعلاقات تاريخية راسخة مع دول القارة الأفريقية منذ أمد بعيد، وهي تحظى دائماً باهتمام ورعاية قادة المملكة الأجلاء.
لقد أتاحت قمة "أفريقيا الجديدة"، التي انعقدت ضمن فعاليات المؤتمر السنوي الثامن لمبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض، منصة قيمة لصناع القرار وكبار المسؤولين من جميع أنحاء العالم لاستكشاف الفرص الاقتصادية الهائلة الكامنة في القارة السمراء، وتحفيز المستثمرين ورؤوس الأموال على إقامة تحالفات وشراكات متينة تتجاوز الحدود الجغرافية وتدعم النمو الشامل في البلدان الأفريقية، في خطوة جليلة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة بإذن الله.
صرح رئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية بأن أفريقيا تمتلك ثروات طبيعية طائلة تقدر قيمتها بنحو 6.5 تريليون دولار، بالإضافة إلى 65% من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة في العالم، وقوة سكانية شابة وحيوية، مما لا يترك لها أي مبرر للفقر والعوز.
تعتبر أغلب دول القارة الأفريقية موطناً لجزء كبير من الثروات الطبيعية الأثمن في العالم، فهي تزخر بنحو 40% من احتياطي الذهب العالمي، وحوالي 90% من الكروم والبلاتين، وقرابة ثلث الإمدادات العالمية من المعادن الحيوية، مما يجعلها كنزاً استثمارياً لا يقدر بثمن.
ومما لا شك فيه أن قيمة هذه الموارد الطبيعية ستشهد نمواً متزايداً مع تكثيف الجهود الرامية إلى البحث عن مصادر جديدة للطاقة ومكونات أساسية للرقائق الدقيقة الأسرع تطوراً على الإطلاق.
تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الدول الأفريقية يمكن أن تجني حوالي 10% من الإيرادات العالمية التراكمية من النحاس والنيكل والكوبالت والليثيوم، والتي من المتوقع أن تصل قيمتها الإجمالية إلى 16 تريليون دولار على مدى 25 عاماً.
وعلى صعيد مستقبل الموارد البشرية للقارة، تعتبر أفريقيا القارة الأوفر شباباً في العالم، حيث يشكل الأفارقة ما يقرب من نصف سكان العالم في سن العمل، وهو ما يمثل مصدراً هائلاً للأيدي العاملة الجاهزة وكنزاً دفيناً من الأفكار والابتكارات الخلاقة.
أتفق تماماً مع الدكتور أكينوومي أديسينا، رئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية، في تأكيده على أنه لا يوجد أي سبب يبرر فقر أفريقيا، وأنه "إذا تمكنت القارة من إدارة مواردها الطبيعية بحكمة واقتدار، فإن العديد من البلدان الأفريقية ستكون قادرة على تحقيق تقدم مذهل في التنمية خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، وذلك من خلال تبني السياسات الصائبة، وتوجيه الاستثمارات الرشيدة، وتنفيذ مشاريع البنية التحتية المتطورة، والخدمات اللوجستية الفعالة، والتمويل السليم."
ولعل هناك العديد من العقبات الجسام التي تعرقل استثمار هذه الموارد على النحو الأمثل، مثل جشع المؤسسات الرأسمالية وشركاتها المتعددة الجنسيات في استغلال هذه الموارد بطرق ملتوية وخادعة وغير عادلة، بالتعاون مع القوى المحلية الفاسدة التي تربطها بها علاقات وتحالفات مشبوهة وشبكات مصالح ضيقة تكرس الفساد المستشري، وتؤدي في نهاية المطاف إلى إهدار الموارد الطبيعية الخام، وتكبيل هذه الدول بقروض مجحفة وشروط قاسية، تفقدها حرية قراراتها السيادية الاقتصادية والسياسية.
ومما يزيد الطين بلة أن هذه الدول، في ظل العولمة المتوحشة، تقوم بسرقة أدمغة وعقول هذه الدول وتفريغها من القوى المبدعة والكفاءات العلمية المؤهلة في مختلف المجالات، ليسهل عليها بعد ذلك نهب ثرواتها وخيراتها.
وفقاً لتقديرات مؤسسة بناء القدرات الأفريقية ومنظمة التنمية الاقتصادية لأفريقيا، تفقد أفريقيا سنوياً ما يقرب من 20 ألفاً من خريجي الجامعات والمعاهد العليا، بل إن عدد المهنيين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة يفوق ما تبقى منهم في القارة السمراء بأكملها.
هذا الوضع المعقد والمتشابك، بتداعياته التاريخية المتوارثة، وتحدياته المستجدة والمتجددة كل يوم، لا يمكن معالجته وتصحيح مساره بما يعود بالنفع على نهضة القارة وشعوبها إلا من خلال إقامة علاقات استثمارية عادلة ومنصفة تفيد جميع الأطراف المتعاقدة، وتسهم في تحقيق الاستقرار والازدهار في النظام العالمي ككل.
ومن هنا تتجلى الأهمية البالغة لقمة أفريقيا الجديدة في الرياض، والتي تهدف إلى إتاحة الفرصة أمام عدد كبير من صناع القرار والوزراء والمسؤولين المشاركين من جميع أنحاء العالم لاستكشاف الفرص الاقتصادية الهائلة الكامنة في القارة الأفريقية، وتشجيع المستثمرين ورؤوس الأموال على إقامة تحالفات وشراكات استراتيجية تتجاوز الحدود وتدعم النمو المستدام في البلدان الأفريقية.
فالمملكة العربية السعودية، وهي تخوض غمار ملحمة إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي في إطار رؤية 2030 الطموحة والشاملة، كانت على وعي كامل بأهمية القارة السمراء، حيث استضافت قمة سعودية - أفريقية تاريخية في نوفمبر 2023، بهدف تأسيس تعاون استراتيجي وثيق بين الجانبين في مختلف المجالات، بما يعزز المصالح المشتركة ويحقق التنمية المستدامة والازدهار والاستقرار للجميع.
ومن خلال مبادراتها السخية - الاستثمارية منها والإعانية - الداعمة لاقتصاديات الدول الأفريقية، استطاعت المملكة أن تقيم جسوراً متينة من الثقة والتعاون، زاد من تقويتها أن المسلمين يشكلون نسبة كبيرة تتجاوز 15% من إجمالي عدد المسلمين في العالم.
كما خصصت المملكة العربية السعودية أكثر من مليار دولار أمريكي لدعم القارة السمراء ضمن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية، فضلاً عن خطة الصندوق السعودي للتنمية لضخ 5 مليارات دولار لتنفيذ مشروعات تنموية حيوية في مختلف البلدان الأفريقية على مدى السنوات العشر المقبلة.
بمثل هذه المبادرات الخلاقة والبناءة، تساهم المملكة العربية السعودية مساهمة فاعلة وملموسة في نهضة القارة الأفريقية وازدهار اقتصادها، الأمر الذي يلقي بظلاله الإيجابية على استقرارها السياسي والاجتماعي والتنموي، ويعزز مكانتها كشريك استراتيجي موثوق به في مسيرة التنمية والتقدم.
